الصحفيين الثوريين للإعلام الحر.. قادة النضال المشترك للإنسانية
يعتمد الصحفيين الثوريين على خط واحد بالتأكيد، فيما يمثلون تقليد الإرث، إذ يعد خط العم موسى، وغربتلي وسيد أفران أهم قوة تحفيزية للصحفيين الثوريين للقيام بهذه القضية المقدسة.
يعتمد الصحفيين الثوريين على خط واحد بالتأكيد، فيما يمثلون تقليد الإرث، إذ يعد خط العم موسى، وغربتلي وسيد أفران أهم قوة تحفيزية للصحفيين الثوريين للقيام بهذه القضية المقدسة.
هل يمكن للمرء أن يعتبر الصحفي الذي يدافع عن صوت الحقيقة وينقله للجميع، والثوري الذي أقسم على التمسك بأبناء الغد منفصلين عن بعضهما البعض؟ برأيي، كلاهما أساس الحياة وبوصلتها، فالهدف والحلم والمدينة الفاضلة والإخلاص واحد، فالصحفيين الثوريين هم رسل وباحثين عن الحقيقة، أي أن أفكارهم قادرة على فتح مسارات جديدة مناسبة، ومسارات جديدة بلا حدود...
وقبل كل شيء، فإن الذي يجعل الصحفي الثوري يصل إلى جذوره الخاصة هو الحلم والمدينة الفاضلة، فقد احتفظ بأمل الحرية في جعبته، وانتفض في وجه الحياة المبنية على الماديات، كلمته هي الكرامة، يقول "لن أسمح بانتهاك الكرامة"، وبالتالي يصبح أملاً للجميع، لا سيما إذا كان في خضم حرب مدمرة، فإن من واجبه أن يحتفظ بسجل المقاومة والكرامة الإنسانية.
بالطبع، يعتمد الصحفيين الثوريين على خط واحد بالتأكيد، فيما يمثلون تقليد الإرث، إذ يعد خط العم موسى، وغربتلي وسيد أفران أهم قوة تحفيزية للصحفيين الثوريين للقيام بهذه القضية المقدسة.
واليوم، هناك العديد من المراسلين الحربيين الذين يعملون بروح هذا الخط في هذه الحقبة، وبشجاعة وتفانٍ وسعي وراء الحقيقة، يهدف المراسلون الحربيون إلى الوقوف بحزم في وجه الماضي المظلم، ويسعون إلى مستقبل مشرق والدفاع عن كرامة الإنسانية، وإنهم شهود أحياء على الصراع المستمر بين الظلام والنور، والحقيقة والاضطهاد ، والخير والشر، والجمال والقبح، والحرية والعبودية، إنهم يسلطون الضوء على حقيقة الأحداث ويصبحون نوراً للتحول الاجتماعي، إنهم يظهرون الشجاعة باسم الإنسانية من خلال الجمع بين البحث عن الحقيقة والعدالة، وهذه الشجاعة هي عملية بحد ذاتها لإظهار موقف، والصعوبات التي يواجهونها في سبيل نقل الحقيقة تزيد من قوة شجاعتهم، ويصبح نقل الحقيقة جزءاً من النضال المشترك للشعوب.
ويتحمل المراسلون الحربيون في الصحافة الحرة العبء الثقيل في الدفاع عن الحقيقة ضد قوات الاحتلال، فالدفاع عن الحقيقة في ظل الهجمات المكثفة يصبح مسؤوليتهم وجوهر عملهم، ولأجل ذلك يسردونه، ويدافعون عن الحقيقة التي ينقلونها للجماهير الشعبية من خلال الكشف عن القصص الإنسانية المفقودة في خضم الحروب، كما أن أعمالهم هي في الوقت نفسه بمثابة تاريخ للأجيال الجديدة، وفي ظل دمار الحرب، فإنهم ينقلون قصص المساعدة والتضامن التي تعكس صمود الروح الإنسانية.
كما أنهم يسجلون أنفاس الأمل الدافئة والألم التي تجلبها كل حرب، ففي وضع يهيمن عليها الظلام، لا يغيب البحث عن الجمال عن جذب اهتمام المراسلين الحربيين في الصحافة الحرة، فهم يشهدون كيف أن التضامن والوفاء والمساعدة يسمو بالروح الإنسانية وسط حقائق الحرب القاسية، وفي خضم الحروب، تتمثل إحدى مهامهم الأساسية في تسليط الضوء على الظلم الذي تواجهه الشعوب، وإن كل كلمة هي انعكاس للأمل؛ وهذا الكفاح في السعي وراء الجمال هو أقوى سبيل لحماية القيم الإنسانية، فحتى في أعمق زوايا الظلام، يصبحون نور الإنسانية والجمال.
فما هي القوة التي تبقي المراسلين الحربيين على جبهة الحرب؟ إنه الضمير، والإرادة والعاطفة ربما، فهم يعلمون أنه طريق شاق وصعب وربما لا رجعة فيه، وعلى الرغم من هذا المعرفة فهم يمضون قدماً نحو الأمام، ويتدفقون في قلب خليل داغ، الذي صوّر فيلم الحقيقة في الجبال على إيقاع تحليق العصافير.
إنهم يسمعون محبة جيان أماركي، التي كانت تقول بكاميرتها: "أريد أن ألتقط اللحظة التي تقوم فيها الثورة"، وصوت "سقطت الكوبرا" لـ آرهات با، ويتقدمون للأمام بأمل كبير، ويصبحون قلب نوجيان أرهان التي كان يناديها والدها بـ "وردتي"، ويناديها إخوتها وأخواتها بـ "يا صاحبة الخصل المجعدة " بسبب شعرها المجعد، إنهم يأخذون معهم شجاعة علي كاني روج الذي كان يضغط على مصراع كاميرته ليلتقط لحظة من حياة الكريلا، ويسير بكاميرة وقلم روسيدا ميردين وبنار الحرية في قلبه، ويسترق السمع إلى صوت دنيز فرات في خضم الحرب، حيث يُظهر المراسلون الحربيون جمالهم بمشاعرهم، ولعل هذا الجمال هو ما يخلق الحياة ويجعل لها معنى.
في بعض الأحيان، ونتيجة للأمطار التي لا تتوقف لأيام، يسيرون في الوحل، لكن لديهم ذلك التصميم دائماً على الوصول إلى هدفهم المنشود، فكاميرتهم هي سلاحهم، وخاصة إذا كان الصحفي على جبهة الحرب، فكاميرته في يده يجعله كم لو أنه يرتدي قميصاً من نار، فكاميرته هي كل شيء بالنسبة له، يحميها قبل نفسه، والكاميرا هي عصا الصحفي والصحفية، ومن دونها لا يمكن أن تكون هناك ذاكرة حية وتوثيق، تماماً مثل ناظم داشتان.
في بعض الأحيان قد لا تجد الفرصة لغسل شعرها لفترة طويلة، بل تفكر في أمها وهي تغرق في الأحلام وتسدل شعرها في حضن أمها، وتقبل أمها شعرها وتشم رائحتها، وكما قالت جيهان بلكين، تغسله بماء الورد، وثم تلمع النجوم في شعرها وتضيء في كل مكان.
وتركز على محارب يمشي بين الناس وعلى وجهه ندبة، وتقول إن هذه هي جمالية العالم، ربما الندبة على وجهه هي واقع الحرب السيئ، لكنها تحاول أن تأخذ الندبة على وجهه إلى العدسة وتلتقط ذلك التفصيل، وتخلق منها قصة، تقول: "هناك جمال روحي في وجهه"، ثم تصبح ذكرياتها قصة، وتقول: "هذه الندبة هي شارته في الحرب".
ويتحول المراسلون الحربيون في شمال وشرق سوريا، الذين يشهدون على الهجمات الوحشية للدولة التركية، إلى صوت الثوري والمدافعين عن الإنسانية بشجاعتهم وتضحية العاملين في الصحافة الحرة، وأثناء تسجيلهم لمقاومة مقاتلي وحدات حماية المرأة ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، فإنهم بذلك يقومون بفضح الأخبار الكاذبة التي تنشرها الدولة التركية ويكشفون في الوقت نفسه أيضاً الحقيقة أمام أعين الشعب، وينقلون قصصاً نابعة من القلب عن المقاومة في مواجهة وجه الحرب القاسي.
ويصبح المراسلون الحربيون، الذين يرون حرباً جديدة وقصة جديدة للمقاومة في كل يوم، قادة النضال المشترك للإنسانية بكلماتهم، وهذه الأصوات التي تتعالى من ظلام الحروب، تشعل الأمل في مواجهة عنف الحرب كمهندسي الحرية والنصر.